حرفة أم اللآلئ
كيف يغدو الصدف تحفاً فنية!
تحمل هذه الحرفة القديمة بين ثناياها جزءا جوهريا من الثقافة والفن الإسلامي كانت قد اشتهرت بشكل خاص في مدينة بيت لحم، مهد المسيح، ويقال أنها وصلت بيت لحم عبر الحجاج الإيطاليين في القرن الخامس عشر. وبالنظر إلى مكانة المنطقة الدينية، فقد كانت دائما نقطة التقاء للعديد من الثقافات، وهو ما يفسر رصيد المنطقة العامر من الحرف والفنون.
بالنسبة للأصداف المستخدمة في هذه الحرفة، فهي خليط من الصدف الفلسطيني مع أنواع أخرى مستوردة من أوروبا وأستراليا، وتتم صناعة القطع ف هذه الحرفة عبر رص شظايا الصدف جنباً إلى جنب، ما يجعلها تبدو لامعة وكأنها قشور من اللؤلؤ اللامع، وهو ما منحها اسمها المدلل عليها "حرفة أم اللآلئ".
يصنع الحرفيين من الصدف الإطارات، والصناديق، والتماثيل حاملة العديد من الشعارات والرموز الدينية والاجتماعية، كالمسجد الأقصى، والمسجد الإبراهيمي، ومريم العذراء، والصليب، مع عبارات وآيات عربية.
بالإضافة لكونها معلماً مميزا في ديكورات البيوت الفلسطينية، تكتظ الأسواق القديمة بالقطع الفنية
هذه، حيث يتم شرائها وتداولها كقطع تذكارية من الأرض المقدسة.
بجانب مساهمتها الفنية والثقافية، كانت الحرفة لوقت طويل جزءا فعالاً في الاقتصاد الفلسطيني، فاتخذتها الكثير من العائلات الفلسطينية كمصدر رزق لهم، وبنوا على ذلك مشاريع ومصانع توارثتها الأجيال، وقد بنيت معظم هذه المصانع في منطقة بيت ساحور في بيت لحم، غير أنه في الوقت الآني، وبينما لا تزال الحرفة نسبيا متواجدة وحيوية، تشهد الصناعة انخفاض في الانتاج، يصاحبه إغلاقات لمصانع كبيرة في المنطقة. يرجع ذلك بالجزء الكبير إلى القيود العديدة التي يفرضها الاحتلال على الحرفة، وحتى مع وجود عروض كثيرة على المصانع المتبقية لنقل مشاريعها إلى الخارج لممارسة نشاطها بحرية ودون قيود، إلا أن أصحاب المصانع يرفضون ذلك قطعاً، وذلك لتطلعهم لإبقاء الهوية الوطنية حية.